بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حربا معينة مواجهة اعتراف روسيا باستقلال الأراضي المملوكة لأوكرانيا في ولايتي دونيتسك ولوهانسك في 21 فبراير 2022، والتي كانت تشمل فرض عقوبات ووضع روسيا تحت ضغط اقتصادي شديد. في 24 فبراير، عندما أعلن الرئيس الروسي للعالم عن التدخل العسكري الروسي على أراضي أوكرانيا، انضمت واشنطن ولندن ودول الغرب وعدد من الدول الآسيوية بفرض عقوبات صارمة.
أول من دخل في قائمة الأفراد هو رئيس روسيا فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس. تم إغلاق سماء أوروبا وأمريكا لروسيا، وفقد الأوليغارشية الملايين، وانخفض الروبل إلى مستوى قياسي. رغم أن العقوبات المفروضة مرتبطة بالخسائر لمؤيدي فكرة أوكرانيا أيضا، فيعتقد الجميع أنه ضروري من أجل وجود الحرية والقيم الديمقراطية.
تفاقمت حالة الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال يعاني من جائحة كوفيد، بشكل أكثر بسبب العدوان الروسي. جدير بالإشارة إلى أن الأموال الروسية تتنقل بكثافة كبيرة حول العالم، بالإضافة إلى مسألة اعتماد عدد من الدول على روسيا في مجال الطاقة، وذلك يعوق اتخاذ القرارات الصحيحة والمبدئية في السياسة العالمية.
وفي حالة الحرب من أجل حرية أكرانيا أدركت جورجيا وبلدان المنطقة جيدا أهمية التضامن والتعاون والعمل المنسق بشأن القضايا السياسية أو الاقتصادية. من الواضح أن الصعوبات الاقتصادية ومشاكل الطاقة ونقص الغذاء لن تحل إلا بالتعاون في المستقبل القريب.
سياسة الجوار الصحيحة لها أهمية كبرى لجورجيا، والتي يجب أن تتجنب روسيا حسب الوضع الحالي. يجب تعميق التعاون مع الدول الرائدة في المنطقة – تركيا وأذربيجان، إضافة إلى ذلك وفي الوقت نفسه يجب على جورجيا أن تلعب دورا مهما في إرساء السلام الإقليمي وأن تكون رائدة في حل نزاعات الدول المجاورة.
ما هي الفرص الموجودة حول جورجيا؟ ما هي العلاقات مع الدول المجاورة حتى الآن؟ هل هناك آفاق تعميق العلاقات؟
يجب أن تبدأ المحادثات حول السياسة الاقتصادية للجوار من عام 2007، عندما وقّعت جورجيا وتركيا اتفاقية التجارة الحرة. أضاف هذا الحدث ديناميكيات إيجابية للإمكانات الاقتصادية للمنطقة وعزز العلاقات السياسية بين البلدين من خلال التعاون الاقتصادي.
زادت السياسة الضريبية الجديدة من الفرص الاقتصادية بين تركيا وجورجيا. من تاريخ إبرام الاتفاقية حتى عام 2015، زاد ازداد حجم التجارة بين جورجيا وتركيا بنسبة 40٪.
تختلف الموارد الموجودة في العلاقات الاقتصادية بين جورجيا وتركيا: المعادن الثقيلة والمنتجات الخشبية والنبيذ الجورجي والعسل. على الرغم من سياسة الحماية الاقتصادية المطبقة في السوق التركية، فإن المنتجات الجورجية مطلوبة. تنفذ تركيا بنشاط سياسة الاكتفاء الذاتي حيث جعلت أنقرة رائدة اقتصاديا في منطقة البحر الأسود وأوروبا والشرق. وبالوسائل الصيدلانية والعلاجية والآلات الطبية المتطورة للغاية، والبلاستيك والبناء والغذاء والوسائل الصحية، كما ذكر أعلاه، أصبحت تركيا، إلى جانب دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك أذربيجان، عمدة تصدير لجورجيا.
يعتبر إعلان طرابزون، وهو إطار رسمي للتعاون متعدد الأطراف بين تركيا وأذربيجان وجورجيا، مهما وبشكل خاص لتخفيف من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد والعدوان الروسي المستمر على أوكرانيا.
في عام 2021، عُقد اجتماع حكومي دولي حول الاقتصاد في باكو بين رئيسي وزراء جورجيا وأذربيجا ، حيث شدد كبار المسؤولين في الدولة على الحاجة إلى التعاون متعدد الأطراف وتعميق العلاقات الدبلوماسية.
تشمل العلاقات الجورجية الأذربيجانية أكثر من 100 اتفاقية متعددة الوظائف، والتي تطبع تقريبا جميع مجالات التعاون بين البلدين. العلاقات الاقتصادية بين البلدين متعددة الأوجه، ولكن جدير بالإشارة إلى التعاون في مجال الطاقة بين الدولتين، وذلك أمر مهم للغاية في الوضع السياسي العالمي الحالي.
وفي إطار التعاون المشترك في مجال الطاقة، تجدر بالإشارة إلى خط أنابيب النفط باكو – سوبسا وباكو- تبيليسي-جيهان وخط أنابيب الغاز باكو-تبيليسي-أرضروم، وكذلك خط نقل كهرباء غارداباني-ساموخ. وما ورد أعلاه أمر حيوي في حل معضلات توفير الطاقة للدول.
يوفر فائدة سياحية متزايدة من مشروع سكة حديد باكو- تبيليسي- كارس الفوائد السياحية فرصا جديدة للعلاقات السياسية والاقتصادية بين جورجيا وأذربيجان، كما أنهما ضمانة قوية للتعاون المستمر.
وفي الوقت الذي يحاول فيه معظم العالم اتخاذ إجراءات فعالة ضد العدوان الروسي، فإنه جنبا إلى جنب مع أوكرانيا والتي تحارب بشكل بطولي، يدفع ثمن العقوبات ضد روسيا. ونظرا إلى أن الوضع الحال سيؤدي إلى الانهيار الاقتصادي والاضطرابات السياسية الكبرى لروسيا، فلا بديل لتعزيز العلاقات المحلية والإقليمية، واتباع سياسة الجوار الإيجابية، والعلاقات الاقتصادية النشطة بين جورجيا والدول الرائدة الأخرى في المنطقة. لتقليل صعوبة النتائج السلبية الناجمة عن الاضطرابات السياسية الحالية على الدول الداعمة.
وكما ذكرنا أعلاه، فإن اتباع سياسة الجوار الصحيحة لم تكن قط مهمة لجورجيا كما هي الآن. تركيا وأذربيجان وأرمينيا هي البلدان التي سيكون إدراجها في السلسلة الاقتصادية المشتركة مفيدا للدول. وخاصة تعزيز العلاقات مع تركيا،دولة رائدة في المنطقة، ذات أهمية، في اتجاهات عديدة. إنّ حجم السلع أو الخدمات الموجودة في العلاقات الاقتصادية التركية الجورجية كبير، لكن تجدر بالإشارة إلى أن الإمكانات أكبر بكثير. تعتبر تركيا من الدول الرائدة في العالم في مجال الخدمات الصحية وخدمات النقل والاتصالات والسياحة والتمويل المصرفي. وبالنظر إلى الوضع الحالي في العالم، وتجدر الإشارة إلى أنه في جورجيا يدركون هذا الأمر ويحاولون بنشاط نقل العلاقات بين الدولتين إلى مرحلة أخرى أكثر أهمية. ونظرا إلى الوضع الحالي في العالم، فإن مسألة توفير الطاقة للدول ذات أهمية كبيرة. يعبر خط أنابيب تبيليسي- باكو-جيهان بشكل جيد عن عمق وأهمية التعاون بين جورجيا وأذربيجان. من المستحسن أن تتعمق العلاقات بين البلدين من حيث التعاون في مجال الطاقة، إضافة إلى ذلك، وفي إطار التعاون الاقتصادي، يجب استعمال البنية التحتية لتبيليسي-باكو والموارد الزراعية، مما يستبعد عن احتمال نقص في مواد البناء و الغذاء. حقيقة أن العلاقات بين جورجيا والبلدان المجاورة متعددة الأوجه، ولكن الإمكانات أكبر. تُظهر الحاجة أن وتعميق علاقات الجوار عبر تجنب روسيا، يجب أن يصبح ضمانة لاستقرار البلد في السنوات القادمة.
المؤلف – ديفيد تسيردافا